Copyright © 1993 - 2004 Ali Darwish. All Rights Reserved.

Interview Transcript

The following is a transcript of the interview with Ali Darwish broadcast by the Arabic program of the Australian Special Broadcasting Service in April 1993.

فيما يأتي نص للمقابلة التي أجراها برنامج اللغة العربية في هيئة البث الخاص الأسترالية مع علي درويش في نيسان / أبريل  1993 . أجرى المقابلة المذيع جهـاد حـلاق من البرنامج في ملبـورن.

 


 

المذيع

الترجمة من وإلى العربية ليست من الأمور السهلة في أستراليا. وشأنها أضحى شأناً حياتياً مهماً كوننا نعيش في مجتمع متعدد الحضارات واللغات. لذا ، فإن ميكرفون إذاعة الأس بي أس يلتقي اليوم بالأستاذ علي درويش.  أستاذ علي نرحب بك في برنامج اللغة العربية في إذاعة الأس بي أس وصباح الخير. 

علي

صباح النور.

المذيع

كيف تعرف الترجمة؟ هل هي فن أو علم أو موهبة؟

علي

هناك من يعرف الترجمة بأنها فن كسائر الفنون يخضع للمقاييس الجمالية والإبداع والإلهام. وهناك من يعرف الترجمة بأنها علم تتحكم فيه قوانين الصيغ والمعادلات والمصوغات والقوالب. بيد أن التوجه الحديث في تعريف الترجمة هو أن الترجمة عمليةٌ تشتمل على جملة من النشاطات الذهنية التي تستقي من حقول واختصاصات أخرى تتعلق باللغة والتأليف والنحو والحضارة وما إليها.   

المذيع

أستاذ علي. من المعروف أن للترجمة أنواعاً فما هي؟

علي

يحدد أخصائيو الترجمة سبعة أنواع من الترجمة هي:

أولاً - الترجمة الحرفية ، وهي نقل الكلام كلمة كلمة وجملة جملة من لغة إلى أخرى نقلاً حرفياً. وهي أسوأ أنواع الترجمة إذ يتقيد المترجم بحرفية النص دون مراعاة مقتضيات اللغة المنقول إليها. غير أنه يمكن للمترجم أن يستخدم هذه الطريقة كترجمة مسودة ، وذلك لتحديد المشاكل التي يحتوي عليها النص.

ثانياً - الترجمة الصادقة ، وهي نقل المعنى نقلاً دقيقاً في إطار البِنية النحوية للغة المترجم إليها. ويتِـم بهذه الطريقة نقل التعابير الحضارية إلى لغة الهدف ضمن الأنماط الفكرية للغة المصدر. 

ثالثاً - الترجمة الاصطلاحية ، وهي نقل الكلام نقلاً حرفياً مع مراعاة مقتضيات اللغة المنقول إليها ، كاستخدام التعابير الاصطلاحية والأساليب البلاغية في لغة الهدف لنقل المعنى نقلاً دقيقاً يتفق وروحَ النص الأصلي دون أن يكون لمثل هذه التعابير مقابل في النص الأصلي. ويكون ذلك على حساب ظلال المعاني التي يحتوي عليها النص الأصلي.

رابعاً - الترجمة الدلالية ، وهي نقل معنى النص نقلاً دقيقا مع مراعاة القيمة الجمالية للنص الأصلي ، بحيث يطغى الاهتمام بالشكل على المضمون.

خامساً - الترجمة الوظيفية ، وهي نقل المعاني التي يحملها النص إلى لغة أخرى مع تكييفها وتعديلها لتفيَ باحتياجات جمهور معين من القراء.

سادساً - الترجمة الحرة ، وهي نقل المعنى العام للنص إلى لغة الهدف دون مراعاة النحو والأسلوب وترتيب الفقرات والجمل في لغة المصدر. وغالبا ما تتميز هذه الترجمة بالإطالة والتفسير والتصرف.

سابعاً - الاقتباس ، وهو نقل النص الأصلي إلى لغة الهدف مع تكييف الخصائص الحضارية والثقافية والأفكار والتعابير والأحداث وغيرها مع بيئة لغة الهدف. والاقتباس لا يعد ترجمة بالمعنى الدقيق للكلمة ، ولكنه كتابة تعتمد في مصدرها على نص مكتوب بلغة أخرى.

المذيع

هل لك وبإيجاز أن تعطينا أمثـلة على ما تفضلت به؟

علي

لا شك أستاذ جهاد. لو أردنا ترجمة الجملة الإنجليزية التالية:

You cannot move by standing still.

لاستطعنا ذلك كالآتي:

أنت لا تستطيع التحرك بالوقوف ساكناً. وهذه ترجمة حرفية كلمة كلمة تتبع بناء الجملة الإنجليزية.

لا تستطيع التحرك بالوقوف بلا حراك. وهذه ترجمة ابتعدت عن الحرفية قليلاً.

لا يمكنك التـقدم بالوقوف. وهذه ترجمة دلالية. أما إذا قلت ليس التـقدم بالوقوف، فهي ترجمة وظيفية. 

وهكذا نرى أننا نستطيع نقل المعنى ذاته بأساليب مختلفة تتراوح بين الحرفية والاصطلاحية والوظيفية. ويجوز استعمال هذه الأنواع بدرجات متفاوتة في النص الواحد ، وذلك حسب القيود التي يفرضها النص الأصلي وطبيعة اللغة المنقول إليها. إذ أن هناك تعابير عامة يمكن نقلها بسهولة وتعابير خاصة باللغة نفسها يصعب أو يتعذر نقلها بحرفيتها دون فقدان المعنى المقصود منها. وانتقاء نوع الترجمة الرئيس يحدد استراتيجية الترجمة العامة للنص . لذلك على المترجم الذي يتناول نصاً من النصوص أن يسأل نفسه جملة من الأسئلة المتعلقة بالغاية من النص الأصلي والغرض من الترجمة ومستوى القارئ وتطلعاته في النص الأصلي وكذلك النص المترجم.           

المذيع

ما هي العواقب التي قد تنجم عن خطأ أو قلة خبرة المترجم عند تعامله مع نص معين؟ 

علي

العواقب كثيرة منها أن المترجم يعتمد المعنى الأولي أو المعنى المعجمي للكلام فينـزع إلى تتبع النص الأصلي تتبعاً حرفياً فيهمل المستلزمات الإنشائية والنحوية والاصطلاحية للغة المنقول إليها ، أو يسقط جزءاً من المعنى أو المعلومات أو يضيف معلومات جديدة أو ظلالاً من المعاني التي لا مبرر ولا وجود لها في النص الأصلي. فتكون الترجمة أقربَ إلى التأويل منها إلى نقل الأفكار بأمانة علمية ودقة.

ومن الأمثلة على الحرفية ما لفت نظري خلال الحملة الانتخابية في أستراليا وما نشرته الصحف العربية من إعلانات انتخابية احتوت فيما احتوت على التالي: خلق وظائف ، وهي ترجمة حرفية لـ create jobs. ولو نظرنا إلى التعبير الإنجليزي برهة قبل تناول الترجمة نفسها بالتحليل لرأينا أن الفعل create يستعمل مجازاُ في اللغة الإنجليزية ، فأنت لا تخلق وظائف. وعدم دراية المترجم بذلك أدى إلى الالتصاق بالحرفية. فجاءت الترجمة خلق وظائف بدلاً من إيجاد وظائف أو تأمين وظائف. وهذا مثال حميد لا ضرر فيه سوى أنه يزعج الحريصين على اللغة وعلى سلامتها. وهناك أمثلة كثيرة عواقبها خطيرة إلى درجة أنها قد تتسبب أحياناً في الموت أو الإصابة لاسيما في الوصفات الطبية والإرشادات.         

المذيع

ما الفرق أستاذ علي بين الترجمة العامة والترجمات المتخصصة كالعلمية والأدبية والاقتصادية؟  

علي

يكمن الفرق بين الترجمة العامة والترجمات المتخصصة في الأسلوب الإنشائي للنص المترجم. إذ أن هناك ثلاثة أنواع من النصوص هي حسب غاياتها نصوص إخبارية ونصوص إقناعية ونصوص ترفيهية. وأسلوب هذه الأنواع يختلف باختلاف الغاية من النص وباختلاف القارئ الذي يكتب النص له.

ومن الفوارق الظاهرة إضافة إلى هذا استخدام المصطلحات المتخصصة في مجال الاختصاص أو الموضوع الذي يتناوله النص. وترجمة هذا النوع من النصوص تتطلب معرفة دقيقة بمصطلحات الاختصاص المعين وتعابيره الفنية،  وكذلك تتطلب معرفة جيدة لنوعية اللغة المعتمدة.   

المذيع

أستاذ علي. يقال إن المصطلحات مشكلة تعاني منها اللغة العربية. فما انعكاساتها على الترجمة؟   

علي

بالنسبة إلى المصطلحات عموماً، أثبت الأبحاث أنها تشكل ما تقارب 60 بالمئة من أخطاء الترجمة . ويصرف المترجم حوالي 40 بالمئة من الوقت في البحث عن المصطلحات في المراجع المتوافرة لديه وعند أهل الاختصاص. وهذا يظهر مدى أهمية المصطلحات وأهمية دور المترجم فيها.

أما بالنسبة إلى المصطلحات العربية فإنها نعاني وللأسف من التعدد والتشتت والفوضى. ونجد العرب اليوم بين منادٍ باقتراض المصطلحات الأجنبية على حالها ومنادٍ بالترجمة التامة للمصطلحات ومنادٍ بجل وسط بين الاقتراض عن الضرورة والترجمة عند الاقتضاء. ويعود السبب في هذا إلى أن اللغة العربية في هذا العصر لغة مستقبلة لمفاهيم ومصطلحات علمية وغير علمية من كل مكان. ولم تعد لغة مصدرة للحضارة والتقنية كما كانت في عهدها الذهبي. فالعالم العربي اليوم بحكم تأثير الثقافة الأجنبية والتبعية الفكرية والتعليمية يستقى المعرفة والعلم من مصدرين رئيسين هما الإنجليزية والفرنسية. وينعدم التنسيق أو يكاد بين مجامع اللغة العربية والمتخصصين والمشتغلين في اللغة والترجمة.

والمترجم هنا يقف في طليعة المتخصصين الذين يشعرون باضطراب المصطلحات  العربية ونقصها فيلجأون إلى المراجع والقواميس المتوافرة فلا يجدون ضالتهم فيضطرون في معظم الأحيان إلى سد هذه الثـُغرة بموضع مصطلحات جديدة. ولكن غياب منهجية واضحة ومحددة ومقيسة ومبسطة لوضع المصطلحات يجعل هذه المهمة صعبة للغاية ويزيد في تعقيد الأمور وتعدد المصطلحات.        

المذيع

أستاذ علي. شكراً لك على إعطائنا هذه المعلومات الدقيقة عن الترجمة ومشاكلها.

 

 

 


Back to Home Page

Back to Interviews