© 1987 — 2004 ِAli Darwish. All Rights Reserved.

Paper submitted to the Second Conference on Arab Cooperation in Terminology, Tunisia, 1987

A Phonological-Semantic Approach to Standardization of Arabic Terminology


المنـهـــــج اللفظـــي الــــدلالـــي
في تقيـيـس المصطــلحـات العربيـــة وتوحيـــدهـا

 بقلم علي درويش 1987

 ملخص ومقدمة  

لا يخفى على باحث متخصص أو مشتغل في الترجمة العربية ونقل المعرفة والعلوم ما تعانيه اللغة العربية من تشتت المصطلحات وتعددها. ولا شك أن تقييس المصطلحات وتوحيدها أمر في غاية الأهمية إذا ما قدر للغة العربية أن ترقى إلى مصاف اللغات الأوروبية الحديثة في العلوم والتقنية. فالتقييس يكفل وضوح التواصل الفعال وتبادل المعلومات والمعارف بين مختلف القطاعات العربية ضمن البلد الواحد وبـن البلدان المختلفة، في الطب والقانون والاقتصاد والتجارة الهندسة والفنون وغيرها من النشاطات الإنسانية. ولا يختلف اثنان في أن الفوضى المعجمية تحدث فوضى فكرية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وحضارية فتسهم مساهمة كبيرة في التخلف عن اللحاق بركب الحضارة والتطور. وأسباب هذه الفوضى العارمة وعواملها كثيرة، يختلط فيها السبب والمسبب في كثير من الأحيان. فالعرب اليوم يتأرجحون بين منادٍ باقتراض المصطلحات الأجنبية على حالها، ومنادٍ بالترجمة التامة للمصطلحات، ومنادٍ بحل وسط بين الاقتراض عند الضرورة والترجمة عند الاقتضاء، كحلول وفلسفات تزيد من الفوضى المصطلحية وتعدد المصطلحات وتشتتها.  

ومن الواضح أن التنافس والتخبط بين تلك الفلسفات التي تقوم على أسباب ودوافع عملية واقتصادية وفكرية واجتماعية وسياسية يسبب حالة من التنافس بين المصطلحات المقترضة والمقابلات العربية الأصلية. ويزيد من تعقيد الأمور عدم تقبـل الناس للمصطلحات المعربة الجديدة لغياب التشابه الصوتي بينها وبين أصولها أو مقابلاتها الأجنبية. ونرى العرب والناطقين بالضاد اليوم يفضلون في معظم الحالات المصطلحات المقترضة على حساب المصطلحات المعربة، وذلك لأسباب رئيسة أربعة هي:

أسبقية انتشار المصطلحات الأجنبية ، وبالتالي تعود العرب عليها وعلى المفاهيم التي تحملها.

1)

غياب الرابط الصوتي بين المصطلحات الأجنبية ونظيراتها العربية الجديدة ، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى فقدان الصلة بين المصطلحات الأجنبية التي سبق وأن عرفها العرب لأسبقية انتشارها وبين مقابلاتها العربية الجديدة.

2)

طول المصطلحات العربية الجديدة وافتقارها إلى الذوق وحسن الموسيقى والجرس في بعض الأحيان، مما يجعل استعمالها في النصوص صعباً أو يخرجها عن المألوف في اللهجات المحكية.

3)

ثنائية اللغة العربية بين عربية فصيحة ولهجات محكية متعددة (diglossia) ومنافسة هذه اللهجات للفصحى.

4)

ولا شك إن الانتشار المتزامن للمصطلحات الأجنبية والعربية أمر مستحيل. ولكن انتشارها شبه المتزامن ممكن إذا توافر الأساس المناسب لانتشار المصطلحات وتقييسها وتنسقت الجهود ووضعت الإمكانيات في سبيلها، وإذا كان الأخصائيون المشتغلون في نقل المصطلحات الجديدة مدربين في علم المصطلحات، وتوافرت لهم منهجيات بسيطة لصياغة المصطلحات دون اللجوء إلى تعقيدات لغوية لا يسبر غورها إلا فقهاء اللغة والمتخصصين فيها. فمن الواضح أن صياغة المصطلحات العربية تعتمد على طرائق معقدة مختلفة كالاقتراض والنحت والتركيب والاشتقاق وغيرها بدرجات متفاوتة . وهذه الطرائق جميعها ، باستثناء الاشتقاق، لا تخضع لضوابط أو نظم مقيسة، ولا تعالج نقل المصطلحات الأجنبية إلى اللغة العربية نقلاً مرناً وطيـعاً ومتسقاً ضمن منهجية واضحة وعملية، ولا تتعدى كذلك حدود صياغتها في أوزان عربية أو تخريج المصطلحات المقترضة تخريجاً صوتياً في اللغة العربية،  والذي غالباً ما يخضع لهوى المترجم أو الناقل.

وعلاوة على ذلك، نجد أن المنهجيات المصطلحية العربية ، إذا صح تسميتها بذلك ، على تعددها وعدم اكتمالها، تعالج المصطلحات معالجة سطحية أو عامة. أي باستثناء وضع المصطلحات في أوزان عربية أو ترجمة البادئات والكاسعات والبحث عن مقابلات عربية في كتب التراث ، لا سيما المعاجم والقواميس، فإنها لا تصف لنا عملية اختيار المصطلحات والمعايير المعتمدة في اختيارها.

سوف أستعرض في هذا البحث منهجاً جديداً في صياغة المصطلحات العربية قوامه نقل الخصائص اللفظية والدلالية للمصطلحات الأجنبية إلى مقابلاتها العربية . ويهدف هذا المنهج إلى المحافظة ما أمكن على الرابط اللفظي الصوتي بين المصطلحات في لغة المورد ونظيراتها العربية. ويهدف في الوقت ذاته إلى مضارعتها مضارعة دلالية.  ولكن هذا المنهج لا يعتمد على استعارة المصطلحات الأجنبية ومعانيها الأصلية على حالها ، بل يستغل المصطلحات الأجنبية كماد خام لصياغة مقابلات عربية لها خصائص لفظية ودلالية أصلية مشابهة لها. ويقوم هذا المنهج على مبدأين:

اعتماد الجذور العربية الأصلية ذات الخصائص اللفظية والدلالية المشابهة .

1)

استحداث جذور عربية جديدة ذات خصائص لفظية مشابهة وتحميلها دلالات عربية جديدة.

2)

يؤدي المبدأ الأول إلى صياغة مصطلحات عربية جديدة أصلية. أما المبدأ الثاني فيؤدي إلى تعريب المصطلحات الأجنبية تعريباً منهجيـاً يكيـّـف الأصوات الأجنبية ويخضعها للنظام الصوتي في اللغة العربية.  ويقوم هذا المنهج على أساس لساني لغوي، أي أنه يعالج الخصائص اللسانية للمصطلحات ويقدم منهجية عملية سهلة وبسيطة لوضع المصطلحات العربية تعتمد على المعرفة اللسانية للغـتي المصدر والهدف ـ



Copyright © 1987 — 2004 Ali Darwish.
All rights reserved. No part of the contents of this document may be copied, reproduced, or stored in any retrieval system, without the express permission of the author.

Please direct all comments on this page to Ali Darwish.

Back to Home Page