© 1986 ِAli Darwish. All Rights Reserved.

First published in ash-Sharq al-Awasat Newspaper, London, 1986.  

Al-Awad: Neither SIDA Nor AIDS


الأوَد: لا سـيدا ولا ايــــدز

 بقلم علي درويش

إن مشكلة المصطلحات وتعددها لا تتفرد اللغة العربية بها وحدها وإنما هي ظاهرة عامة وقديمة تعانيها لغات العالم أجمع. وهي إحدى ظواهر تعدد اللغات وتخصصها. بيد أن هذه المشكلة في اللغة العربية مشكلة لها مميزاتها وأسبابها الخاصة. وأهم هذه الأسباب هو أن اللغة العربية في هذا العصر لغة مستقبلة لمفاهيم ومصطلحات علمية وغير علمية من الشرق والغرب وكل حدب وصوب.

وسبب آخر هو أن العالم العربي بحكم تأثيرات الثقافة الأجنبية يستقي المعرفة والعلم من مصدرين لغويين رئيسين هما الإنجليزية في المشرق العربي والفرنسية في المغرب العربي.

وثالث أسباب تلك المشكلة هو غياب التنسيق بين مجامع اللغة العربية والمتخصصين والمشتغلين في اللغة، وكذلك المترجمين الذين يواجهون تلك المشكلة يومياً ، فإذا بهم كل في واد.

ونتيجة لهذه الأسباب والعوامل وغيرها مما لا يتسع المجال له هنا تتعدد المفردات الدالة على مفهوم جديد أو قديم واحد وتتشتت الجهود والمصطلحات، فإذا بنا نستخدم مثلاً في المشرق كلمة (الأيــدز) للدلالة على مرض العصر الحديث والحضارة الغربية لـ: متلازمة عجز المناعة المكتسبة (ِAcquired immune Deficiency Syndrome: AIDS) ونستخدم كلمة (سيـدا) (Syndrome Immuno Deficitaire Acquis: SIDA) في المغرب للدلالة على المرض نفسه ترجمة حرفية مباشرة في كلتا الحالتين. وكلاهما لا يتصرف ولا يشتق منه فعل أو اسم فاعل أو مفعول. وفي اللغة العربية كلمة هي الأود بمعنى الضعف والهزال أو الكد والتعب.

فإذا أخذنا هذه الكلمة وحمّلناها معنى ذلك المرض الخبيث الذي يؤدي انعدام مناعة جسم المصاب به إلى  الهزال والضعف والانحطاط العام وجدنا أنها كلمة تفي بالمعنى وتؤديه تأدية وافية من حيث الموسيقى اللفظيــة (phonology) والمعنى اللغوي (semantics)، ويمكن تصريفها واشتقاق الفعل والاسم والفاعل والمفعول منها الخ، فيقال: الأود مرض وتأود أو أوِد الرجل إذا أصيب بمرض الأود وهلم جرا.

إن اللغة العربية لغة غنية زاخرة لا تعاني أي نقص أو عجز ، ولكن العجز للأسف في أصحابها أنفسهم ، فهم بحكم تأثيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية وتاريخية وضغوطات يومية يتلقفون المصطلحات الأجنبية كما هي، فإذا بنا نقول تلفون وكومبيوتر وتلكس الخ.

ونجد كذلك مجامع اللغة العربية والمتخصصين فيها وفي غيرها من المؤسسات العلمية واللغوية يعتصرون الفكر ويستنبطون من غريب الألفاظ وعجيـبه مصطلحات لا تفي في معظم الأحيان بالمراد أو كلماتٍ ثقيلةً على الأذن غليظاً جرسها ويبقى ما هو جيد منها بين دفـات المجلدات والملفات في دهاليز تلك المجامع دون أن يكتب لها الانتشار والتداول أو أن ترى بصيص النور فتبقى دفينة ميتة.


للحصول على النسخة الأصلية اضغط هنا


Copyright © 1986 — 2004 by Ali Darwish.
All rights reserved. No part of the contents of this document may be copied, reproduced, or stored in any retrieval system, without the express permission of the author.

Please direct all comments on this page to Ali Darwish.

Back to Home Page